من يحفظُ الآخر نحن أم التراث؟! الأديب نعمان شعلان يجيب لـ أوَم التراث..
حوار
ينشغل الكاتب والأديب نعمان شعلان بقضية التراث الوطني في كتاباته ومؤلفاته إيمانا منه أن هذا جزءً من واجبه تجاه صورة بلاده الحضارية؛ التي يجب أن تكون دائما الصورة الدائمة لدى العالم، ولأجل ذلك فهو يتطلع منذ زمن لإيجاد إعلام يحشد الجهود للنهوض بالتراث وحفظه وتكريسه الكامل في أوساط المجتمع.
صدر للكاتب عدة كتب منها “السُعنون”، و “زحام في أسواق الرماد”، و “بين الجبال والوديان”، وهذا الأخير يقول عنه القارئ عبد الرقيب شبيطة: “إنه يأخذ بأيدينا فجأة ويسير بنا في رُبوع المنطقة، يصعد بنا الجبال ويهبط بنا الوديان ويغِيِّبُنا في تفاصيل الذاكرة الجمعية لشعب يتقن صنع ذاكرته، ويتفنن في نسج حكايته، تاركا ضوءً يمتد لآلاف السنين… وما كان لي أن أنعم بكل هذا الرَواء الوجداني والطرب العاطفي لولا هذا النبع الصافي من رحلة قلم وذكريات مكان”.
يراهن نعمان على الإعلام في حفظ التراث، شريطة ألا يطغى الأداء السياسي على مضامينه، ولتجاوز ذلك، يأمل في رؤية “إعلامٍ جذاب يُظهِر الجوانبَ المشرقة لتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، ويكمل قائلا: وهذا طموحنا ولعلنا نحقق ما نريد شيئاً فشيئاً”.
يستضيف “أوَم التراث” الأديب نعمان شعلان في رحلة قصيرة حول تجربته مع التراث ، وكيف ينظر لواقعه اليوم وما ينبغي على الشباب تحديدا القيام به تجاه تاريخهم.
ماذا يعني التراث بالنسبة للأستاذ نعمان شعلان؟
التراث هو كل ما يدل على ماضينا من مشاهدات ومجسمات وأدوات وكتابات، وبقايا أصوات وعادات نقلها كل جيل إلى الذي يليه حتى وصلت إلينا، أي كل تاريخ مادي ومعنوي ينتمي إلى هذا الوطن.
وكل مَن امتلك ماضيًا حضاريًا مشرِّفًا بإمكانه إعادته إذا أراد ذلك!! فالأساس موجود والأجيال المتعاقبة تبني حضاراتها بطريقة تراكمية، من هنا تأتي أهمية التراث كحافزٍ لكل نهوض وبناء وتطور.
وهنا يأتي السؤال؛ مَن يحفظ الآخر؛ نحن أم التراث؟
نحن نحميه من الناحية المادية، وهو يحمينا من الناحية المعنوية؛ نحميه بحراسة الآثار والمقتنيات وصيانتها، واليمن حاضر في العالم بتاريخه الحضاري لا بواقعه الإداري والسياسي، وهذا الزخم المعنوي الهائل قادر على إعادة البناء لو أحسنا توظيفه بحس وطني وضمير مخلص.
وما الذي يعاني منه تراثنا اليوم؟
إنه يُعاني ما يعاني منه المواطن اليمني، أقلها: الإهمال والتفريط بطريقة وحشية لا تتناسب مع قيمته الحضارية، فظيع أن نحصر معاناة التراث، شنيع أن ترى تاريخك وتراثك معطوب في الزوايا والخرائب، أو مسروق في متاحف العالم، وفي حوزة اللصوص والعصابات.
وحيال هذا الواقع المأساوي؛ برأيك ما واجبنا نحن الشباب تجاه تراثنا وتاريخنا؟
إن الواجب عليكم تجاه تراثكم يتحدد من خلال أمور كثيرة:
-الإيمان بأهميته وقيمته الحضارية
-دراسة تاريخه، وتأثيره، وأماكنه، وأنواعه
-التوعية الشاملة بأهمية التراث وطرق حمايته والمحافظة عليه
-الكتابة عنه، وتصميم برامجه وفنونه التي تساهم في تقديمه للجيل بِحُلَّةٍ جميلة وجذابة كالمسرح والأغاني، والرسم والرواية والشعر والقصة
وإن انتقلنا إلى الواقع الذي نعيشه فهل هنالك شيء يستحق أن يصبح موروثًا شعبيًا للأجيال القادمة؟
إن كل عمل إنساني سواءً كان ماديًا أو فكريًا، له ظل أو له معنى؛ يصبح مع الأيام تراثًا، ترتفع قيمته بقدر شموخه وهو يترجل فوق الحقب التاريخية حاملًا ثقافة أمةٍ وأخلاق شعب، وأعتقد أن هنالك الكثير مما يصلح أن يكون تراثًا في متناول الأجيال القادمة.
وما نصيحتك لهذا الجيل؟
لا يأس ولا قنوط .. الأمل طريقنا ولا طريق غيره، المعرفة والوعي الثقافي بأهمية التراث سبيلنا لتدارك ما يمكن تداركه.
هل من كلمة أخيرة؟
الضمير الإنساني والتراث الإنساني توأمان لا يفترقان؛ متى ما كان الأول صحيحًا بقي الثاني سليمًا.