ازياء وحليالتراث الماديتقرير

الأزياء التراثية اليمنية في مواجهة الموضة 

تشكل الملابس اليمنية التقليدية نموذجا خاصا من التراث اللامادي الذي يتميز باحتوائه على العديد من جوانب الحرفية المختلفة في إبراز الهوية الثقافية.

كما يتميز هذا التراث بتنوع واختلاف ملابس المحافظات تبعا للمنطقة والطقس وكذلك المناسبات وهو ما يفرضه على الملابس طولا وسماكة واتساعا.

حيث عرفت اليمن منذ القدم مختلف الصناعات من أهمها صناعة الملابس بمختلف أنواعها، وهو ما أشار له ابن خلدون في مقدمته الشهيرة (مقدمة ابن خلدون) إذ ذكر بأن اليمنيين عرفوا منذ القدم دباغة الجلود ،وكان يوجد في مدينة صنعاء وحدها في القرن الرابع الهجري 33 مدبغة، فضلا عن مطاحن الفرض التي تنتج البسط الفريد والنعال المشعر والنعال الترخيمة، إضافة إلى ما اشتهرت به نساء صنعاء من الحياكة وغزل الثياب بأيديهن، وبالنمطين الفارسي والحميري. 

حضور ضعيف

وبالرغم من التطور الذي طرأ على صناعة الملابس مثل غيرها من الحرف والصناعات، إلا أن للملابس التقليدية حضورها اللافت في أوساط اليمنيين من مختلف المحافظات اليمنية؛ ويتجلَّى هذا الحضور بشكل أكبر في الأرياف، حيث ما تزال بعض النساء وخاصة المتقدمات في العمر يحافظن على تقاليدهن بارتداء الملابس التراثية رغم مزاحمة ومنافسة الموضة التي أدت إلى تراجع الإقبال على الملابس التقليدية بنسبة تزيد عن 50% في صنعاء القديمة مثلا، بحسب تاجر الملابس علي مهدي.

ومع ذلك، يقول مهدي الذي يقع متجره في باب اليمن ل”أوَم التراث”، إن هذا التراجع لا يعني توقف النساء عن ارتداء الملابس الصنعانية القديمة، حيث لا تزال بعض النساء في صنعاء وضواحيها تظهر في السوق أو الحي بستارتها المعروفة بجمالها وألوانها المختلفة.

ويشرح اللباس الشعبي الذي تلبسه نساء صنعاء قائلا :”هو فستان يسمى ” الزنة” ،تحتها السروال المطرز، وعليها العصبة أو “المصر” ويوضع على الرأس، ويزين بالحلي الفضية، ويسمى بالرش، حيث يشتهر هذا اللباس عند نساء صنعاء القديمة بشكل عام”.

التنوع التهامي

وفي تهامة، يتحدث عمر الطالب أحد المهتمين بالتراث الشعبي عن تلك الأزياء ل”أوم”  قائلا إن “هناك نوع من الأزياء التهامية القديمة يسمى “الدرع” وهو ثوب من القماش الخفيف تلبسه نساء تهامة، في المنزل خاصة في الأرياف”.

أما بالنسبة للباس الخاص بالرجال، فهو بحسب ذات المصدر، “المعوز” ويسمى في تهامة “المقطب” بالإضافة إلى “الفوط” وتنقسم إلى نوعين فوط عادية وفوط تسمى صربنده يلبسها التجار عموما، وتلبس مع المعوز أو الفوطه كوفيه توضع على الرأس مصنوعة من الخيزران، وهناك نوع آخر من الكوافي مصنوعة من الصوف يلبسها كبار السن في الأغلب، وهناك نوع من الكوافي يلبسها الرجال والنساء في تهامة أيام الحصاد وأيام الزراعة بشكل عام، وتسمى “بالظلة” وتصنع من سعف النخيل. 

ويتابع “أن من الأزياء التهامية القديمة التي مازالت تحتفظ بها نساء تهامة هي السديريه، وتلبسها النساء من على البطن أي من فوق “السرة” وشكلها شكل القميص ، والمتعارف عليه شعبيا “بالشميز” وتلبسها النساء الكبيرات بالسن وتلبس تحتها الفوطه. وهناك نوع يسمى “المقلمة” شبيه بالبيتش الخليجي الذي يلبس فوق الثوب، وتلبسه النساء الكبيرات بالسن حينما تذهب للتسوق أو إلى قرية أخرى”.

ثراء واسع

في محافظة تعز مازالت المرأة تتزين بالملابس التراثية القديمة خاصة في الأرياف، وحتى في بعض الأعراس بالمدينة؛ وعن هذه الأزياء، يتحدث فوزي سلطان، من سكان مدينة تعز، ل” أوم” مشيرا إلى أن “مدينة تعز مازالت تحتفظ بالعديد من الملابس القديمة منها الزي الصبري وهو قميص مطرز  يلبس إلى أسفل الركبة ويسمى شعبيا “بالزنة” وتحتها السروال المطرز وتتزين النساء الصبريات أيضًا ببعض من الحُلي الفضية، وبعض من الأعشاب العطرية يوضع بجانب آذانهن”.

ويضيف “أما بقية أرياف محافظة تعز فالنساء يلبسن ملابس قريبة إلى أن تكون متشابهة، وبنفس الزي الصبري لكنها أطول منه قليلا وتسمى “الزنة” ويلبس تحتها السروال المطرز من أسفل وتلبس في الأغلب عند الذهاب إلى الوادي، وممارسة الأعمال الزراعية وتلبس معها كوفيه توضع على الرأس مصنوعة من سعف النخيل. وفي الأعراس تلبس ما يسمى “بالدرع” المزين بالنقوش والخرز اللامع”.

ومن ضمن التنوع والتسميات المختلفة في اللباس الشعبي القديم، الثوب الشحري وتلبسه نساء المدن الساحلية وسُمّي بهذا الاسم نسبة لمدينة الشحر بحضرموت حيث تلبسه نساء “المكلا، وغيل باوزير، والشحر” وقد تم تصميمه ليكون قصير من الأمام، وطويل من الخلف، كي لا تتعثر النساء أثناء السير. 

وفي محافظة إب ترتدي النساء ما كان يسمّى بالفوطة والقميص الذي يتميز بأكمامه الطويلة الواسعة والتي تقوم بطيها وربطها خلف رقبتها لتتمكن من العمل كما تقوم بحمل مشترياتها داخل كم القميص. 

رغم تطور الحياة وظهور عالم الموضة ودخول العديد من الملابس المختلفة خاصة النسائية، لا زالت الملابس التراثية اليمنية القديمة تحظى بقابلية وشهرة واسعة خاصة الأزياء القديمة كالزي الصنعاني والتعزي، والتهامي والحضرمي سواء في الحياة اليومية أو في المناسبات الاجتماعية والعامة وخاصة في الأعراس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *