الألعاب الشعبية اليمنية موروث ثقافي عريق مهدد بالاندثار .
تقرير
في العودة إلى صفحات الماضي قد تستوقفك محطات إستذكار الأمس المتخم بالفعل البشري، وبمفردات إستطراده الإنساني في مراكمة مواريثه التي عنونت صفحات الحياة، ولونتها بفنون الزمن الجميل، الذي جعل الإنسان يكتب عمر أيامه ويحدد كينونته … فلم يكن بمقدور أي أحد الانسلاخ من عمره أو التجرد من ملامحه، ولعلنا حين نوثق للتاريخ مرح الأطفال نستذكر كل ألعابهم ..
وتعتبر الألعاب الشعبية في اليمن إحدى أهم مظاهر الموروثات اليمنية القديمة، وتشكل هذه الألعاب الشعبية أحد أهم عناصر الثراث الشعبي، والتي تساهم في الحفاظ على ترابط المجتمع، كما أن لها دورا مهما في بناء شخصية الفرد من الناحية الثقافية والحضارية، وتعمل على نقل العادات والتقاليد في المجتمع، بالإضافة إلى أنها جزء لا يتجزأ من الذاكرة والوجدان الجمعي لأي مجتمع في نتاج التكوين المجتمعي التاريخي والثقافي والحضاري.
لكن في السنوات ال 10 الأخيرة، قلما نجد الأطفال يمارسون اللعب كما كان في السابق قبل تطور التكنولوجيا ودخول ألعاب ذات طابع تقني بدا من الاتاري، وتلتها بعد ذلك ظهور الألعاب الإلكترونية في الهاتف النقال التي تركت أثارا سلبية على الأطفال، حيث أصبح غالبية الأطفال يمتلكون الهاتف النقال، الذي جعلهم أمام عالم غير محدود من الألعاب الإلكترونية، هذا ما جعلهم يتخلون عن الألعاب الشعبية، والتركيز على الألعاب المحملة في الهاتف النقال.
وحسب المصادر أن للحرب دورا في ذلك؛ حيث تركت أثارا عديدة في مختلف مجالات الحياة، منها آثار اجتماعية على الأطفال في حرمانهم من التمتع في أبسط حقوقهم وهو المتعة والتسلية في اللعب.
ويرى كثيرون أن الأطفال تخلوا عن ممارسة الألعاب الشعبية المتوارثة من الأجيال السابقة، وتركز كل اهتمامهم نحو الألعاب القتالية سواء الألعاب المصممة إلكترونيا، أو الألعاب التي يصنعوها بأيديهم بأدوات بسيطة تشبه إلى حد كبير الأسلحة القتالية.
الألعاب الشعبية اليمنية القديمة لا تعتبر للتسلية وتمضية الوقت فقط، بقدر ما تصنع الذكريات والتواصل بين الاقران، ولها دور مهما في تحفيز القدرات البدنية والذهنية والتكوين النفسي للأطفال، وتزرع روح التنافس الايجابي فيما بينهم، حيث تمكن الطفل من خلال الشعور بتجربة فريدة في إكتشاف قدراته ومهاراته وإمكانياته الذاتية، بالإضافة إلى الرغبة في إشباع رغباته المتعلقة بتحقيق ذاته في معرفة الأشياء، وتفريغ طاقته في المتعة، والفكاهة في ممارسة اللعب، الذي يعتبر موروث يتوارثه الأطفال من جيل إلى جيل.
وتتنوع الألعاب الشعبية في اليمن وتختلف تسميتها من منطقة إلى أخرى بسبب تعدد اللهجات، وحسب انسجام الأطفال مع القيم والعادات الاجتماعية، ورغم اختلاف تسميتها إلا أن طريقة اللعب واحدة في كل مناطق المحافظات اليمنية، وتنقسم الألعاب الشعبية اليمنية بحسب ميول الأطفال إلى ألعاب ذكورية وألعاب أنثوية، وهناك ألعاب حسب طريقة اللعب تتم مختلطة بين الجنسين …
ومن الألعاب الشعبية المشهورة في اليمن
بحسب كتاب “ألعاب الأطفال في اليمن” لـ “عارف الحيقي” وهي كما يلي :
الكوفية الخضراء :
تتكون من مجموعة من الأولاد والبنات، ويُكوِّن اللاعبون دائرة وينزلون رؤوسهم تحت الارض .. ويقوم أحدهم وهو الذي يمتلك الكوفية (القبعة).. ويدور عليهم وهو يشدوا بـ صوته العذب ويردد :
الكوفية الخضراء ..
وهم يردون عليه: ما فيها؟؟
وهو يرد: فيها زبيب اخضر
هاتيها .. والثعلب .. فات فات .. وفي ذيله سبع لفات…. إلى نهاية الانشودة،
وبعد أن يتوقف من الترديد يرمي القبعة خلف احد الجالسين .. ويرفعون رؤوسهم يبحثون عن من وقعت عليه القبعة ومن يجدها خلفه يقوم بمطاردة المنشد وإذا لمسه قبل أن يجلسَ في مكان صاحب الكوفية .. يكون المنشد هو الفائز .. اما إذا لمسه فـ يكون المنشد هو الخاسر ..
سيارة:
هي لعبة يتم صناعتها من جالون مفتوح من أحد جوانبه الكبيرة وعلبه فارغه، وأربع عجلات متقطعات تكون إما من علب المواد الغذائية أو من “القباقب” البلاستيكية، حبل أو سنارة حديدية، وغطاء دائري لإحدى العلب أو سنارة حديدية صغير تربط العجلات مع الجالون. والغرض من هذه اللعبة أن يعمل مالك السيارة في نقل البضائع، أو نقل الأطفال -الذين لا يمكلون سيارات- مقابل النقود الورقية التي يقطعونها من الورق أو الكراتين أو اللاصق الورقي الملفوف حول العلب الغذائية.
من كبته طيار؟
لعبة أخرى، يأخذ فيها كل لاعب موقعه في اللعبة حيث يتم تحديد المكان بوضع أحجار يقف الأطفال عليها؛ وتسمى (بيت)، ويكون لاعب في الوسط يقف هو الآخر فوق (بيته)؛ ويسمى طفل المركز، يقوم بترديد نشيد “من كبة الطيار” فيرد عليه بقية الفريق : طيار ، فيرد: بعد العشا والنار .. ليرددوا بعده: والنار..
دخل بي شوكة .. شوكة
خرجه مسمار .. مسمار
بعدها يقوم بإختيار مكان أحد اللاعبين بقول: محد يلحق مكان.. ويسميه، فيترك الجميع أماكنهم لحظة صدور أمر إقفال البيت ويعيدون اختيار أماكن أخرى شريطة ألا يأخذ أحد المكان الذي تم اختياره وإلا فسيتم معاقبته، إن لم يكن منتبها.
البربرة، الوقل، أو الشبدلو:
الوقل عبارة عن رسم مربعات متصلة في الارض وبها أرقام وهذه اللعبة خاصة بالبنات تقوم برفع رجل و القفز على الأخرى حتى تنتهي مراحل اللعب.
لعبة القار أو الحصى:
لعبة من ألعاب التركيز القديمة. لعبة خاصة بالبنات تأخذ اللاعبة خمس حصوات وترمي احدها في الهواء وتأخذ الحصوات الاخريات وتمسك بالحصى التي رمتها وهكذا حتى تنتهي مراحل اللعبة وإذا وقعت الحصى من يدها تخسر، ويكون دور اللاعبة الأخرى وهكذا .
لعبة سبت أحد:
تشبه الى حد ما لعبة شد الحبل إلا أنها تكون باليد بدل الحبل، وتبدأ بأنشودة معينة للاعبين متماسكين يمر من تحتهم اللاعبون ويرددون ايام الاسبوع ثم القبض على لاعب وتخييره مع من ينضم وعند الانتهاء من الجميع يمسك كل لاعب باللاعبين الذين اختاروه ويشد كل فريق بيد الآخر ويفوز الفريق الذي يسحب الفريق الاخر.
عسكري حرامي:
تتكون اللعبة من اربع أوراق صغيرة مكتوب في
الأولى .. عسكري ..
والثانية .. حرامي ..
والثالثة .. الفراش ..
والرابعة .. الجلاد
والعدد المناسب لـ اللعب .. اربعة اشخاص ..
تُجمع الاوراق بعد ما أن تُخفى الكتابة التي عليها وتجرى القرعة والذي يأخذ ورقة الحرامي يجلده الباقون.
ولا تقتصر الألعاب الشعبية في اليمن على هذه الألعاب فقط بل هناك الكثير من الألعاب مثل (لعبة الغماء، وعروس وعروسة، ولعبة الكيرم، ولعبة الزراقيف، ولعبة البطة وهي ورق اللعب، ولعبة إنسان حيوان، ولعبة البلابل، ولعبة المنجل، ولعبة كباب، ولعبة دهجم).